: التشويق في أجزاء القرآن
الجزء الثالث
أولاً) محتويات الجزء الثالث:
البقرة (٢٥٣ - ٢٨٦) - آل عمران (١- ٩٢)
بداية الجزء:
((تلك الرسل فضلنا بعضهم...)) البقرة ٢٥٣
نهاية الجزء:
((لن تنالوا البر حتى تنفقوا...)) آل عمران ٩٢
ثانياً) مواضيع السور:
سورة البقرة: "منهج الاستخلاف في الأرض"
سورة آل عمران: "الثبات على المنهج"
ثالثاً) تذكير بما سبق:
٤) سرد لمنهج الإسلام:
٤أ) تمييز الأمة مع التركيز على عمق المنهج
٤ب) تشريعات من أجل إصلاح شامل
٤ج) حماية المنهج بالجهاد والإنفاق
٤د) المهم النوع لا الكم (قصة طالوت وجالوت)
رابعاً) تسلسل الأفكار في آيات الجزء الثالث:
الفكرة الأولى ٢٥٣-٢٥٧
تعقيب على قصة طالوت وجالوت:
الغاية ليست القتال، الأصل في الأمر هو إرسال الرسل لهداية البشر ((فمنهم من آمن ومنهم من كفر)) القتال فقط لحماية المنهج أما الأصل: ((لا إكراه في الدين))
لكن لابد من وقفة عند ٢٥٥
وهي آية الكرسي، أعظم آية وفيها اسم الله الأعظم! تدبر كمال ذاته ((الحي)) القائم بذاته وكمال سلطانه ((القيوم)) المحتاج إليه كل من سواه. لذلك لا يأخذه النعاس ((سِنَة)) فكيف بالـ((نوم))؟ كيف يغفل و((له ما في السماوات وما في الأرض))؟ ثم إن أعظم الخلق لا يستطيع أن ((يشفع عنده إلا بإذنه)). تدبر موضع قدميه فقط ((كرسيّه)) وسع السماوات والأرض! فما بالك بالعرش؟ أرأيت الدرهم في الفلاة؟ فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الدرهم ((وهو العلي العظيم))
الفكرة الثانية ٢٥٨-٢٦٠
البراهين على ما جاء في آية الكرسي من خلال ٣ قصص:
٢٥٨ قصة إبراهيم عليه السلام مع النمرود
وفيها عجز النمرود المدّعي الألوهية عن تصريف الشمس، فأين كمال الذات وأين كمال السلطان؟
٢٥٩ قصة الرجل الصالح عزير
أماته الله مئة عام ثم بعثه وأراه طلاقة قدرته في طعامه (صالح للأكل لم يتغيّر) وحماره (تفرّقت عظامه وصار هيكلاً بليّاً) ثم تجمّعت عظام حماره أمام عينيه ثم كساها ربنا لحماً وهو ينظر ((فلما تبيّن له قال أعلم أن الله على كل شئ قدير))
٢٦٠ قصة إبراهيم عليه السلام والطير
((ربّ أرني كيف تحيي الموتى)) عندي علم اليقين لكن أريد عيْن اليقين، فمنّ الله عليه بحق اليقين قال له جربها بنفسك: خذ أربعة طيور مختلفة (طاووس وغراب وحمامة وديك) وقطعها واخلطها ببعضها ثم فرّق أجزاءها على رؤوس الجبال ((ثم ادعهن يأتينك سعياً)) إنها براهين ((الحي القيوم)) الذي ((له ما في السماوات وما في الأرض))!
: الفكرة الثالثة ٢٦١-٢٨٣
أحكام النظام المالي والاقتصادي
وفيه: مثل الإنفاق في سبيل الله وأجر المنفقين ((سراً وعلانية)) وفيه مثل ((الذين يأكلون الربا)) والتحذير منه ((يمحق الله الربا ويربي الصدقات)) وتوثيق الديون ((فاكتبوه)). إذن هناك استئنافاً للتشريعات، المالية هذه المرة، أُخّر لأهمّيته نظراً لتفشي الفساد الاقتصادي.
أما ختام السورة ٢٨٤-٢٨٦
فيه آية نُسِخت بكنز نزل من تحت العرش!
الآية ٢٨٤ ((وإن تُبدوا مافي أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله)) شقّ ذلك على الصحابة: كيف نحاسب على ما نخفي في أنفسنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أتريدون أن تقولوا كما قال من قبلكم: ((سمعنا وعصينا))؟! قولوا: ((سمعنا وأطعنا)) فلما قالوها مراراً وتكراراً نسخ الله الآية بكنز (٢٨٥-٢٨٦) نزل من تحت عرشه، فيه شهادة للمعلم ((آمن الرسول)) ولصحابته ((والمؤمنون)) وفيه إشادة بطاعتهم ((وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا)) وفيه تخفيف عليهم بنسخ ما لم يطيقوا ((لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها)) وفيه أجمل الدعاء ((ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا...)) يا الله.. ما أجمل الختام!
** سورة آل عمران "الثبات على المنهج"
تخصصت بالرد على أهل الكتاب بالأخص النصارى كما ردت "البقرة" على اليهود، وهنا علاقة السورتين بالفاتحة التي حذرّت من اليهود ((المغضوب عليهم)) والنصارى ((الضالين)).
ملاحظة جانبية: تدبّر: البقرة وآل عمران والعنكبوت بدأت بـ ((ألم)). موضوع البقرة "منهج الاستخلاف" وآل عمران "الثبات على المنهج" والعنكبوت "حذار من أن تفتن عن المنهج" ((أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون)) فتأمل العلاقة.. كما أن الحواميم السبع كلها مرتبطة بالأهداف والمقاصد فتدبر!
عودة لسورة آل عمران وهي مقسمة كالتالي:
١-١٩ مقدمة: ثبات العقيدة بالصبر والتقوى
٢٠-١٢٠ الثبات الفكري (أهل الكتاب)
١٢١-١٨٠ الثبات العملي (غزوة أحد)
١٨١-٢٠٠ توصيات ختامية للثبات على المنهج
الجدير بالذكر أن أول بضع وثمانين آية من السورة نزلت أثناء زيارة وفد بني نجران النصراني للنبي صلى الله عليه وسلم لتعلمنا الثبات على العقيدة.
: أما تسلسل الأفكار في الآيات
١-١٩ المقدمة: تدريب المؤمن على ثبات العقيدة
- البداية توحيد وبيان كمال ذات الله وسلطانه وتنزيله الكتاب.
- بيان عقبات الثبات: ١) إثارة الشبهات ((...فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة)) و٢) إثارة الشهوات ((زُيّن للناس حب الشهوات...))
- اللجوء إلى الله يقي من الشبهات ((ربنا لا تزغ قلوبنا))، ومن الشهوات ((ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا...)) مع التقوى والصبر
- يختم المقطع كما بدأ: بترسيخ التوحيد والقيومية لله وبالتالي ترسيخ المنهج:
((إن الدين عند الله الإسلام))
٢٠-٣٢ المواجهة الفكرية
- ((فإن حاجوك فقل أسلمت... فإن أسلموا فقد اهتدوا)) وإلا ((فإنما عليك البلاغ))، أما المحاربين لمنهجنا ((فبشرهم بعذاب أليم))
- ثم بيّن لهم كمال ذات الله وسلطانه ((قل اللهم مالك الملك... وتعز من تشاء وتذل من تشاء... بيدك الخير)) وادعهم للمنهج ((قل أطيعوا الله والرسول)) وحذّرهم من الكفر.
٣٣-٦٠ حقيقة قصة مريم وعيسى
- إعلام النبي قبل الهجوم
في هذا المقطع يخبر الله تبارك وتعالى نبيه بحقيقة مريم وعيسى قبل أن ينقل المواجهة إلى ميدانهم، فيخبره ربه بولادة مريم، وبتكفيلها زكريا، وعلاقة المناجاة والعبادة بالرزق، وطهر مريم ومجئ عيسى ورسالته ومعجزاته وتشريعاته، واتخاذه الحواريين، وكيف توفاه الله ورفعه.. ثم المواجهة:
٦١-٦٤ الهجوم بالمباهلة
((فقل تعالوا... ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين)) وبالفعل واعد النبي صلى الله عليه وسلم اثنين من وفد بني نجران للمباهلة، وجاء ممسكاً بيد عليّ، وفاطمة، والحسن والحسين للمُلاعنة، فأبيا، فقال "والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر الوادي عليهما ناراً" ثم جاءهم بالحسنى: ((تعالوْا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم...))
٦٥-٩١ حقيقة ملة إبراهيم
- أسلوب الحوار العقلي ((لم تحاجون في إبراهيم وما أُنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون))؟ فكيف يكون إبراهيم يهودياً أو نصرانياً إذن؟
- وفي خضم النقاش يعلمنا الإنصاف وعدم التعميم ((ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك)) منهم أمناء، لكن الخطر من القسم الثاني ((وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب...))
- ويحاججهم بالمنطق ((ما كان لبشرٍ أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله)) لا يُعقل هذا!
- كل الأنبياء بشر وكلهم عباد لله ((ونحن له مسلمون. ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه))
يختم الجزء الثالث بآية مفردة تعلمنا قيمة الإنفاق: ((لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون))
وإلى التشويق في الجزء الرابع إن شاء الله
#التشويق_في_أجزاء_القران